منديل الشارة الخشبية
يعد منديل الشارة الخشبية من الرموز الكشفية التي أصبح متعارفا عليها في جميع أنحاءالعالم، وفي الحقيقة أن لهذا المنديل العديد من الدلالات ولنشأته قصة طريفة، كماأنه يتدرج إلى ثلاث رتب يتصعد خلالها القائد الكشفي من واحدة إلى الأخرى، فتعالوامعي أيها القادة لتعرف حكاية منديل الشارة الخشبية.
ففي عام 1919م عندما بدأتالحركة الكشفية آخذة في الانتشار، تولدت الحاجة إلى تدريب عدد من القيادات يكونمسؤولا عن قيادة الحركة، فأقام بادن باول دورة تدريبية لعدد من القيادات في هذاالعام، وعقد الدراسة في مخيم جيلويل بارك بإنجلترا، والذي أصبح منذ ذلك التاريخ أولمركز لتدريب القيادات الكشفية في العالم، وفي ختام الدورة التدريبية أراد بادن باولأن يمنح القادة المتدربين رمزا أو شارة أو وساما يميزهم عن غيرهم من القادة الذينلم يحضرو تلك الدورة التدريبية فابتكر لذلك ما أطلق عليه في حينه وسام الغاب الذيعرف فيما بعد بوسام الشارة الخشبية.
وقد اختار بادن باول هذا الوسام حيث كان لهدلالات سابقة مرت به خلال تجربته الطويلة ورحلاته في كل من الهند وأفريقيا وأوروبا. فالوسام المكون من ثلاثة أجزاء هي: المنديل، والشارة، وعقدة المنديل؛ كان لكل واحدةمنها رمزا ودلالة في حياة بادن باول يرتبط بالإرهاصات الأولى في ذهنه حول نشأةالحركة الكشفية.
وسوف نتعرف على دلالة كل جزء منها: فالوسام المكون من خيط منالجلد الأسود معقودا في نهايته حبتان من خشب البامبو أو كما يسميه البعض الخيزران،نجد أن بادن باول قد أخذ هذا الرمز من أفريقيا وتحديدا من إحدى قبائل الزولو، الذيننزل باول في أراضيهم واضرته الظروف العسكرية أن يدافع عن قراهم ضد هجماتالهولنديين، فأراد زعيم القبيلة أن يكرمه فأهدى له حبلا من الجلد الأسود معقودا بهحبات من الخيزران وعلقها في رقبته تقديرا له وعرفانا بفروسيته، وقد كان من عاداتتلك القبائل إذا بلغ الفتى فيهم مبلغ الشباب أطلقوه في الغابات وحيدا دون مؤونةليعيش ما يقرب من ثلاثة أحوال أي سنين فإذا عاد بعدها إلى القبيلة سالما معافافيعني أنه استطاع أن يتغلب على عناصر الطبيعة في الغابة من وحوش كاسرة وعوامل جويةصعبة، وأصبح جديرا بالحياة، فيستقبله زعيم القبيلة وأفرادها بالترحاب وتجرى لهمراسم ما يعرف بحفل التنصيب يعلن فيها أنه أصبح رجلا مكتمل الرجولة، ويصبح من حقهأن يختار أي فتاة في القبيلة لتصبح زوجا له.
ومن هذه الحادثة أخذ بادن باول فكرةوسام الشارة والذي أطلق عليه في حينها وسام الغاب، على اعتبار أن القيادات التي تمتدريبها في تلك الدورة التدريبية قد اجتازوا مهارات التعايش في الخلاء الذي هو ملعبالكشاف وساحة نشاطه، وأصبح يعتمد عليهم في قيادة غيرهم من الشباب.
أما منديل الشارة، وهو عبارة عن شكل المنديل الكشفي العادي المتعارف عليه، غير أن له لونامميزا اختاره بادن باول بنفسه ليكون مميزا، وهو يصنع من الصوف الخالص، أو القطن الخالص، وردي اللون، ومثبت في زاويته السفلية مستطيلا من القماش عبارة عن نسيجمخطط، وهذه النوعية من القماش هي المستخدمة في صناعة الأذار (التنورة) الاسكتلنديةالتي هى جزء من الزي التقليدي للانجليز، والتي تتشابه في عموم شكلها لكن لكل منطقةشكلا مميزا من النسيج من حيث تقاطع الخطوط المكونة للنسيج، وقد اختار بادن باول شكلالنسيج الخاص بالمنطقة التي أقيم بها أول معسكر تدريبي تقديرا منه إلى أهل تلكالمنطقة الذين تبرعو بموقع المخيم (جيلويل بارك)، والذى أصبح بادن باول فيما بعدعندما كرمته ملكة بريطانيا ومنحته لقب لورد فأطلق عليه: لورد أوف جيلويل بارك.
ومن يومها احتكر مركز تدريب جيلويل بارك صناعة الوسام والمنديل الذي يحملرمزهم، وأصبح جميع الحاصلين على وسام الشارة الخشبية يتقلدون هذا المنديل المصنوعهناك.
أما عقدة المنديل فقد ابتكرها بادن باول لتكون رباطا للمنديل الكشفي وهيعبارة عن خيط سميك من الجلد معقودا بطريقة معينة وهي إحدى العقد التي يستخدمهاالبحارة في مراكبهم. وقد أصبحت هذه العقدة رمزا كشفيا فيما بعد وعلامة على وحدةالحركة.
هذا ما يتعلق بالوسام والمنديل والعقدة أما ما يتعلق بدرجات هذا الوسامفكما قلنا أنه على ثلاث درجات هي: الوسام ذو الحبتين، وذو الثلاث حبات، وذو الأربعحبات وهو أعلاها.
فعندما أراد بادن باول أن يدرب مجموعة أخرى من القيادات لتصبحقادة للقادة أى أن يعدهم لا لقيادة الفرق الكشفية ولكن لتدريب القادة فما كان منهإلا أن أخذ نخبة من القيادات التي سبق ومنحها وسام الشارة الخشبية ليضمهم إلى دورةتدريبية أخرى للشارة وبنفس المنهج التدريبي أى أن يعيد لهم التدريب وفي نهايته منحكل واحد منهم حبة أخرى يضيفها إلى وسام الشارة ليصبح لديه ثلاث حبات.
وبعد فترةعين بادن باول أحد هؤلاء القادة ليكون قائدا لمركز تدريب جيلويل بارك ويصبح منصلاحياته منح هذا الوسام للمتدربين، فكان قادة الكشافة يتوافدون على مركز تدريبجيلويل من جميع أنحاء العالم ليتدربوا ويحصلوا على وسام الشارة الخشبية من هناك،وبالطبع كان من بينهم عددا لابأس به من منطقتنا العربية.
وبعد أن اتسعت رقعةالحركة الكشفية في العالم وتزايدت أعدات المتدربين لم يعد في إمكان مركز جيلويلبارك أن يفي بهذا الغرض لوحده فضلا عن التكاليف الباهظة التي يتكبدها المتدرب للسفروالإقامة وغير ذلك، وحلا لهذه المشكلة تم تعيين أربعة من القادة الذين تم تدريبهمفي جيلويل وأثبتوا كفاءة عالية ليكونوا مساعدين لقائد تدريب جيلويل، ويمثلون أقاليممختلفة من العالم، وتكون مهمة كل واحد منهم أن يكون مفوضا من قبل قائد تدريب جيلويلفي عقد دراسات الشارة الخشبية في الإقليم التابع له، وأن يجيز القيادات للحصول علىوسام الشارة.
ومما يذكر أن القائد / عزيز بكير – رحمه الله وهو من مصر كان أحدهؤلاء الأربعة، فكان أغلب القيادات العربية الموجودة في الصف الأول الآن ومن سلفهمقد تتلمذوا على يديه، وكان كل من يريد أن يحصل على الشارة لا يمر بها إلا من مدرستهالتدريبية، فكان بحق معهدا للتدريب وموسوعة في مجاله، ولازال كبار القادة يذكرونهبمواقفه التعليمية الفذة.
وفي عام 1969م ومع توسع آخر للحركة الكشفية أصبح قائدتدريب جيلويل والأربعة من معاونيه غير كافين للقيام بمهمة التدريب في الوقت الذىأصبح فيه يتوفر عدد من القيادات المؤهلة في كل دولة، فعقد في هذا العام المؤتمرالكشفي العالمي في هلسنكي، وكان من بين توصياته التاريخية الهامة، ما عرف بلامركزية التدريب أي أن يصبح لكل دولة قائد تدريب دولي معترف به (أربع حبات) ويكون منصلاحياته إقامة دورات الشارة الخشبية ومنحها للمتدربين.
ولكن ظل صناعة منديلالشارة عملية مركزية تسيطر عليها المنظمة الكشفية العالمية، حيث تطلب منها الجمعيات الأعداد التي تحتاجها سنويا (بالطبع ليس مجانا) حيث يعد بيع منديل الشارة الآن أحدموارد تمويل المنظمة العالمية
الموضوع من موقع الفراعنة الكشفية
zabady